الإحسان في القرآن والحديث النبوي

      كنا قد كتبنا عدة مقالات سابقة عن بعض المصطلحات في القرآن ومنها الإيمان والتقوى والهدى ، عن معانيهم في القرآن ، والعلاقة بينهم . وفي هذا المقال نتحدث عن مصطلح الإحسان في القرآن والحديث النبوي . 

 

ونبدأ من القرآن حيث يقول تعالى " إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ  " ( يوسف 90 ) ، وهنا الإحسان هو الجمع بين صفات التقوى والصبر ، ويتضح ذلك أكثر في قوله تعالى " بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " (  البقرة 112 ) . وهنا الإحسان مرتبة بعد التقوى وقبل أن تسلم وجهك لله .

 ومن الحديث النبوي نأتي بحديث «عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله ﷺ ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبته إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال له: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا، قال: صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال: أخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان، قال : أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال: فأخبرني عن الساعة، قال: ما المسؤول بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أماراتها، قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء، يتطاولون في البنيان. ثم انطلق فلبث مليًا، ثم قال: يا عمر، أتدري من السائل، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» .

 

ومن الحديث النبوي يتضح لنا أن الإحسان هو الجمع بين صفتي تقوى الله وعبادته ، وقد وضحنا من قبل أن مفهوم تقوى الله يختلف عن مفهوم العبادة فقد جاءت العبادة معطوفة على التقوى في أكثر من موضع منها قوله تعالى " أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ " (نوح 3) .

 

لذا فالإحسان هو مرتبة أعلى من التقوى وأقل من الإسلام ، فالإسلام وهو أن تسلم وجهك لله أعلى مراتب التقوى في قوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ " ( آل عمران 102)  .

 

وإذا كانت التقوى أحد أسباب الفوز بالجنة ، فالإحسان وهو مرتبة أعلى من التقوى أحد أسباب الفوز بالجنة أيضاً ، في قوله تعالى "لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " ( يونس 26 ) .


وعن معاني الإحسان في القرآن ، فضد الإحسان " الإساءة " في قوله تعالى " إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا " ( الإسراء 7 ) .


وضد الإحسان " ظلم النفس " في قوله تعالى " وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ ۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ " (الصافات 113) . وقد وضحنا ذلك في مقال سابق عن الظلم عاقبته ومعانيه .


وضد الإحسان " الاعتداء " في قوله تعالى " ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ " (الأعراف 55 - 56) .

 

هذا ولا يتسع المقام هنا للحديث عن الإحسان ومعانيه .

 

ندعو الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل .

هذا وبالله التوفيق .

محمد عبد الرحيم الغزالي


 

 

 

 

 

الإحسان في القرآن والحديث النبوي
الإحسان في القرآن والحديث النبوي

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموت وعلاقته بالسمع والبصر في القرآن

أسباب العذاب في الدنيا في القرآن

من خصائص بيت الله

حجاب النساء ما بين كبائر الذنوب والفوز بالجنة

الحب المنبوذ في القرآن

حب الأبناء في القرآن

حب الأوطان في القرآن والحديث النبوي

حب الأنداد في القرآن

إدعاء محبة الله لليهود والنصارى

معاني الحب في القرآن