حقيقة العداوة في القرآن ، ومعانيها
جعل الله العداوة بين بنى آدم منذ نزول آدم وزوجته إلى الأرض ، فيقول تعالى " قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ " (الأعراف 24) .
حتى أن إبن آدم قابيل قتل آخيه هابيل ، بعد أن قدما قرباناً ، فتقبل من هابيل ولم يتقبل من قابيل ، فقتل قابيل هابيل ، في قوله تعالى " فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ " (المائدة 30) .
كما أن أخوة يوسف تآمروا على قتل يوسف بعد أن دخل الحسد في قلوبهم من أخيهم يوسف بعد رؤياه وهو صغير ، في قوله تعالى " قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ " (يوسف 5) .
وبالرغم من أن الله جعل بين الزوج وزوجته المودة والرحمة ، في قوله تعالى "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " (الروم 21) .
إلا أن هذة المودة والرحمة لا تمنع وقوع العداوة بين الزوج وزوجته في ذات الوقت ، كما في قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " (التغابن 14) .
نقول هذا رداً على البعض الذين يستندون على قوله تعالى " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ " (المائدة 82) . في تبرير العداوة بين اليهود وأتباع الدين الإسلامي ، وفي تبرير القتال المستمر بين الطرفين .
فنقول أن العداوة هنا تعني الحسد ، كما في قوله تعالى " وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم" ( البقرة 109 ). وأن الحسد ليس من أسباب القتال في القرآن . وأن العداوة لا تمنع المودة كما ذكرنا من قبل .
لذا فالعداوة بين اليهود وأتباع الدين الإسلامي لا تبرر القتال بين الطرفين ، فللقتال أسباب أخرى ، ذكرنا بعضها في مقال عن حقيقة القتال في القرآن .
وعن بعض معاني العداوة في القرآن نذكر منها " ضد المودة " كما ذكرنا من قبل في هذا المقال
ونذكر منها أيضاً " ضد الخُلة " كما في قوله تعالى " الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ " (الزخرف 67) .
ونذكر منها " ضد إتخاذ ولياً " كما في قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ " ( الممتحنة 1 ) .
ندعو الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل .
هذا وبالله التوفيق .
محمد عبدالرحيم الغزالي
![]() |
حقيقة العداوة في القرآن ، ومعانيها |
تعليقات
إرسال تعليق