عن وصف من لم يحكم بما أنزل الله

     كنا قد كتبنا عدة مقالات عن معاني بعض المصطلحات في القرآن ، ووضحنا أنه يجب أن نضع كل مصطلح في موضعه ، ووضحنا أيضاً أننا في الغالب الأعم نفسر كل مصطلح بضده كما يقول الشاعر " بضدها تتبين الأشياء " 


وقد إتحذت الجماعات التكفيرية في العصر الحديث بعض آيات كتاب الله لتكفير الحكام والمحكومين إستناداً لتفسيراتها لآيات القرآن . وعن وصف من لم يحكم بما أنزل الله الوارد في سورة المائدة يدور هذا المقال .


فقد ورد ثلاثة أوصاف في سورة المائدة لمن لم يحكم بما أنزل الله هي بالترتيب " الكافرون " ، " الظالمون " ، " الفاسقون " . وعن معنى هذة المصطلحات في موضعها يدور هذا المقال .


أول وصف وهو " الكفر " لمن لم يحكم بما أنزل الله في قوله تعالى "  وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ " ( المائدة 44 ) ، مسبوق بقوله تعالى " فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ " ( المائدة 44 ) ، لذا فضد الكفر هنا هو " الخشية " وليس الإيمان وهو ليس كفر قلبي أو عقائدي وقد وضحنا ذلك في مقال سابق عن معاني الكفر في القرآن .


ثاني وصف وهو " الظلم " لمن لم يحكم بما أنزل الله في قوله تعالى " وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " ( المائدة 45) ، مسبوق بقوله تعالى "  فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ " ( المائدة 45) ، لذا فضد الظلم هنا هو " التصدق " وليس أي مصطلح آخر . وقد وضحنا ذلك في مقال عن الظلم عاقبته ومعانيه في القرآن .



ثالث وصف وهو " الفسق " لمن لم يحكم بما أنزل الله في قوله تعالى "وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " (المائدة 47) ، مسبوق بقوله تعالى " وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ " (المائدة 46) ، لذا فضد الفسق هنا هو " التقوى " وليس أي مصطلح آخر ، وقد وضحنا ذلك في مقالين عن معاني كل من الفسق والتقوى في القرآن .


لذا فنقول رداً على هذة الجماعات التكفيرية ، أن من لم يحكم بما أنزل الله ، وإن وصف بالكفر والظلم والفسق في القرآن في هذا الموضع ، إلا أنه ليس بالضرورة كافر كفراً قلبياً عقائدياً ومن الممكن أن يكون مؤمناً إلا أنه لا يخشى الله ولا يتصدق ولا يتق الله كما وضحنا في هذا المقال .

 


ندعو الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل .

هذا وبالله التوفيق .

محمد عبد الرحيم الغزالي


 

 

 

وصف من يحكم بغير ما أنزل الله
وصف من يحكم بغير ما أنزل الله


 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموت وعلاقته بالسمع والبصر في القرآن

أسباب العذاب في الدنيا في القرآن

من خصائص بيت الله

حجاب النساء ما بين كبائر الذنوب والفوز بالجنة

الحب المنبوذ في القرآن

حب الأبناء في القرآن

حب الأوطان في القرآن والحديث النبوي

حب الأنداد في القرآن

إدعاء محبة الله لليهود والنصارى

معاني الحب في القرآن