الهدى والإيمان بين مشيئة الله وإذنه
كنا قد كتبنا عن عدة مقالات عن الهُدى والإيمان وعلاقتهم ببعض وعلاقتهم بالتقوى وتوصلنا لنتيجة أن الهُدى غير مرتبط بالإيمان وبخاصة الإيمان القلبي .
وتدل العديد من الآيات على أن الهدى مرتبط بمشيئة الله ، والمشيئة أمر لا شأن للإنسان فيه ، فهي أمر قَدري فيقول تعالى " يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ " ( النحل 93 ) .
أما الإيمان القلبي فمرتبط بإذن الله ، فيقول تعالى " وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ " (يونس 100).
والفارق بين إذن الله ومشيئة الله ، أن إذن الله أمر مخير فيه الإنسان ولكن يتطلب الإذن له ، أما مشيئة الله فهي أمر قَدري لا شأن للإنسان فيه .
فيقول تعالى عن الإيمان القلبي "فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ" ( الكهف 29 ) . والمشيئة هنا هي مشيئة الإنسان وليست مشيئة الله ، لذا فالإنسان مخير ما بين الإيمان والكفر .
أما عن إرتباط الإيمان بمشيئة الله في قوله تعالى " وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ " (الأنعام 111) . فالإيمان هنا هو ضد الطغيان لأن الآية مسبوقة بقوله تعالى " وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ " (الأنعام 110) . وقد وضحنا في مقال سابق عن معاني الإيمان في القرآن أن من ضمن معاني الإيمان هو ضد الطغيان .
أما عن قوله تعالى " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ " ( يونس 99 ) . فمشيئة الله هنا مرتبطة بإيمان كل البشر جميعاً ، أما الإيمان الشخصي فهو أمر إختياري للإنسان .
كان هذا عن الهدى والإيمان بين مشيئة الله وإذنه .
ندعو الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل .
هذا وبالله التوفيق .
محمد عبد الرحيم الغزالي
![]() |
الهدى والإيمان بين مشيئة الله وإذنه |
![]() |
الهدى والإيمان بين مشيئة الله وإذنه |
تعليقات
إرسال تعليق