معاني الرضا ومشتقاته في القرآن

 

     كنا قد كتبنا مقالاً سابقاً عن الصحابة في القرآن وأوضحنا أن الله قد رضى عن بعض الصحابة في عدة مواضع من القرآن ، نذكر منها 

       .  قوله تعالى "  لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا " ( الفتح 18 ). 

       .  قوله تعالى  "  وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" ( التوبة 99 - 100)  .

 

وللرضا والرضوان أكثر من معنى في القرآن ، وكما تعودنا هنا فإننا نفسر المصطلح بضده في القرآن ، فيقول الشاعر " بضدها تتبين الأشياء " .

 

أول المعاني لمصطلح الرضا والرضوان هنا هو ضد " السخط " ، كما في قوله تعالى " وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ " ( التوبة  58 ) .


ثاني المعاني هنا هو ضد " الإباء " أو ما يمكن أن نسميه في اللغة الدارجة الكبرياء ، وذلك في قوله تعالى "  يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ " ( التوبة  8 ) .


ثالث المعاني هنا هو ضد " الظلم " ، كما في قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا " (النساء  29 – 30 ) . وقد وضحنا ذلك في مقال سابق عن الظلم عاقبته ومعانيه في القرآن .

 

رابع المعاني هنا هو ضد " الخصام " كما في التضاد بين الآية من سورة البقرة "وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ "(  البقرة  204 ) ، والآية " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ "  (البقرة 207)  .


خامس المعاني للبنيان على الرضوان هنا هو ضد " البنيان على الباطل " أو بالتعبير القرآني " البنيان على شفا جرف هار " ، كما في قوله تعالى " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ  " ( التوبة 109 ) .

 

وكما إستخرجنا المعاني من التضاد ، نستطيع أن نستخرج الترادف من التشابه بين الآيات ، لذا فالمعنى السادس للرضا هنا هو مرادف " الهدى " ، كما في قوله تعالى " وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ " ( آل عمران 174 ) ، وقوله تعالى " يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ " ( المائدة 16 ) .  وقد وضحنا ذلك في مقال سابق عن الهدى في القرآن .

 

  كان هذا كي نفسر كل مصطلح في القرآن في موضعه ، ولا نحرف الكلم عن مواضعه . وقد يكون  للرضا والرضوان معاني آخري في القرآن لم نجمعها في هذا المقال .


ندعو الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل .

هذا وبالله التوفيق .

محمد عبد الرحيم الغزالي



 





 

   

معاني الرضا ومشتقاته في القرآن
معاني الرضا ومشتقاته في القرآن

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموت وعلاقته بالسمع والبصر في القرآن

أسباب العذاب في الدنيا في القرآن

من خصائص بيت الله

حجاب النساء ما بين كبائر الذنوب والفوز بالجنة

الحب المنبوذ في القرآن

حب الأبناء في القرآن

حب الأوطان في القرآن والحديث النبوي

حب الأنداد في القرآن

إدعاء محبة الله لليهود والنصارى

معاني الحب في القرآن