مدى جواز الخلع الثاني للمرأة

        إعتنى الله عز وجل في كتابه العزيز بعقد الزواج ووصفه بالميثاق الغليظ في قوله تعالى  "وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا " (النساء  21 ) .
 
 ووصف عقد النكاح بالميثاق الغليظ هو عين الوصف الذي وصف الله به الميثاق الذي أخذه من النبيين [1]. قال تعالى "وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا . لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا " ( الأحزاب 7- 8 ) .


إلا أنه في بعض الحالات تستحيل العشرة بين الزوجين فأجاز الله الطلاق من جانب الرجل في قوله تعالى " الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ " ( البقرة 229 ) ، وفي قوله تعالى " وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ " ( البقرة 241 )  .

كما يحق للمرأة أن تطلب من القاضي الطلاق للخلع مع رد مقدم الصداق ، في قوله تعالى "  فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا " ( البقرة 229 ) . وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم لتميمة بنت وهب حينما بغضت الحياة الزوجية مع زوجها رفاعة حيت قال لها النبي صلى الله عليه وسلم "أتردين عليه حديقته؟"، وقد كان زوجها قد أعطاها حديقة مهرًا لها .

إلا أن البعض يتوقف في قصة هذة المرأة عند هذا الحد ولا يعلم أن ذات المرأة ، تزوجت بعد رفاعة ، الصحابي عبدالرحمن بن الزبير ، وبعد أن عاشرته،  ذهبت تميمة إلى السيدة عائشة رضي الله عنها تشتكي من الزوج الجديد وقالت لها إنه يعاملني معاملة سيئة، وأنا اغتريت بمنظره وشكله وجمال صورته ثم أنه يضربني [2].

ولن نشغل القارئ بتفاصيل هذة الرواية ولكن إختصاراً فالصحابية تميمة بنت وهب رجعت و طلبت من النبي الطلاق للخلع من زوجها الصحابي عبدالرحمن بن الزبير ولكن النبي رفض وقال لها : " أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ويقصد بذلك زوجها السابق، ثم أكمل قائلًا: لا والله أنتِ اشتقت إلى زوجك الأول، فإن كان ذلك لم تحلي له، أو لم تصلحي له، حتى يذوق من عسيلتك" [2].

لذا نستنتج أنه ولمرة واحدة في حياتها للمرأة أن تطلب من القاضي الطلاق للخلع مع رد مقدم الصداق وتكون طلقة واحدة بائنة بينونة كبرى و لا يحق لها الرجوع إلى زوجها السابق حتى تتزوج غيره ويطلقها بإرادته مصداقاً لقوله تعالى " فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ۗ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۗ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ " (البقرة 230) .


ندعو الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل .

هذا وبالله التوفيق .

محمد عبد الرحيم الغزالي




المراجع

1 - الميثاق الغليظ :  د. بدر عبد الحميد هميسه
https://www.saaid.net/Doat/hamesabadr/145.htm


2- حديث النبي عن الخلع
 


3 - موقع التحقق من صحة الأحاديث
http://hdith.com




مدى جواز الخلع الثاني للمرأة
مدى جواز الخلع الثاني للمرأة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموت وعلاقته بالسمع والبصر في القرآن

أسباب العذاب في الدنيا في القرآن

من خصائص بيت الله

حجاب النساء ما بين كبائر الذنوب والفوز بالجنة

الحب المنبوذ في القرآن

حب الأبناء في القرآن

حب الأوطان في القرآن والحديث النبوي

حب الأنداد في القرآن

إدعاء محبة الله لليهود والنصارى

معاني الحب في القرآن