المرض والأذى في القرآن
المرض هو حالة من إعتلال جسم الإنسان ومقر الإعتلال هو القلب فيقول تعالى " فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا " ( البقرة 10 ) ، وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ». متفق عليه.
والأذى في اللغة هو إلحاق الضرر بالآخرين فيقال: "آذيت فلانًا، أوذيه: أي أَلْحَقْتُ به ما يكره من قول أو فعل" [1] .
والمرض جاء معطوفاً على الأذى في أكثر من موضع بالقرآن الكريم ، نذكر منها ، قوله تعالى " فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ " ( البقرة 196 ) ، وقوله تعالى " وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ " ( النساء 102 ) . وهنا يعامل المرض معاملة الأذى في هذة المواضع .
وقد أباح الله للمريض الفطر في شهر رمضان المبارك مع صيام أيام أُخر في غير شهر رمضان لإكمال العده ، وذلك في الآيات من سورة البقرة " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " (البقرة 183 - 185 )
وكما أباح الله الفطر للمريض فقد أوجب الله الفطر للحائض والنفساء في قوله تعالى " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى ( البقرة 222 ) .
ووصف الله المحيض بالأذي أي الضرر المباشر ، لذا فلا يجوز للحائض أو النفساء الصيام في شهر رمضان المبارك ، لأن الله نهى عن إلحاق الضرر بالنفس ، في قوله تعالى " وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ " ( البقرة 195) .
وفي السيرة " سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلتُ: ما بَالُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، ولَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. فَقالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قُلتُ: لَسْتُ بحَرُورِيَّةٍ، ولَكِنِّي أسْأَلُ. قالَتْ: كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ " . ( صحيح مسلم )
والحَرُورِيَّة : طائفةً من الخَوارج تُنسب إِلى حَرُوراءَ بقُرْب الكُوفة، لأَنَه كان بها أَوَّل اجتماعهم وتحْكيمهم حين خالفوا عليّاً، وكان عندهم تشدُّدٌ في الدِّين حتَّى مَرَقوا منه [2] .
لذا فلا يجوز للحائض أو النفساء الصيام في شهر رمضان المبارك وإلحاق الأذى بنفسها وعليها قضاء أيام أخر في غير شهر رمضان
كان هذا رداًعلى طائفة توجب على الحائض الصيام في رمضان .
ندعو الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل .
هذا وبالله التوفيق .
محمد عبد الرحيم الغزالي
المصادر
1- https://www.alukah.net/sharia/0/100557/
![]() |
المرض والأذى في القرآن |
تعليقات
إرسال تعليق