الشهادة في القرآن

      الشهادة في اللغة: هي الخبر القاطع، مشتقة من المشاهدة؛ لأن الشاهد يخبر عما شاهده وعاينه. والمراد بها عند الفقهاء: الإخبار بحق للغير على الغير في مجلس القضاء. أو: هي الإخبار بما علمه الشاهد بلفظ خاص، وهو: أشهد أو شهدت، أو ما يقوم مقامهما [1] .
 
 وقد أشترط الله الشهادة حين الإمساك أو الفراق بعد إيقاع الطلاق بين الرجل والمرأة فقال تعالى " فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا " ( الطلاق 2) . وهنا حدد الله تعالى شرط العدل لقبول الشهادة ومن شروط العدل الإيمان بالله واليوم الآخر فقط دون باقي أجزاء الإيمان من الإيمان بالرسل والملائكة والكتب السماوية .
 
كما أشترط الله الشهادة حين الوصية في قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ ۚ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۙ وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الْآثِمِينَ " (المائدة 106) . وهنا أجاز الله شهادة غير المسلمين في قوله " أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ " ( المائدة 106 ) . 
 
وفي تفسير إبن كثير عن قوله : ( أو آخران من غيركم ) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سعيد بن عون ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا حبيب بن أبي عمرة ، عن سعيد بن جبير قال : قال ابن عباس في قوله : ( أو آخران من غيركم ) قال : من غير المسلمين ، يعني : أهل الكتاب [2]
.
 
والعدل هو أحد مراتب التقوى ، فيقول تعالى  " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " (المائدة 8) . وقد ذكرنا في مقالات عدة أنه لا إرتباط بين الإيمان القلبي والتقوى .

وكما يقبل الله شهادة غير المسلمين ، فإن الله يقبل شهادة المرأة في قوله تعالى في آية الدين " وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ ۚ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ۚ " وهنا التمييز بين الرجل والمرأة في الشهادة على المعاملات المالية فقط دون أن يتعداها إلى الشهادة في أمور أخرى .  
 
وهذا الأمر ليس فيه تفضيل للرجل على المرأة، لأن تحمل الشهادة فيه عبء وعناء ومشقَّة، وقد جعل الإسلام شهادة المرأتين تقوم مقام شهادة رجل واحد في بعض القضايا من باب التخفيف على المرأة لا من باب الانتقاص من قدرها [3] .
 
 
هذا ، وقد وصف الله بعض الخلق من الجن أو الإنس بالعدل في قوله تعالى " وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ " (الأعراف 181) . ونختم بقوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " (المائدة 8) 


ندعو الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل .

هذا وبالله التوفيق .

محمد عبد الرحيم الغزالي






المصادر 
1-  كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة
 


3 - شهادة الرجل بامرأتين في المعاملات المادية رحمة بالنساء 
 
 



قبول الشهادة في القرآن
قبول الشهادة في القرآن



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموت وعلاقته بالسمع والبصر في القرآن

أسباب العذاب في الدنيا في القرآن

من خصائص بيت الله

حجاب النساء ما بين كبائر الذنوب والفوز بالجنة

الحب المنبوذ في القرآن

حب الأبناء في القرآن

حب الأوطان في القرآن والحديث النبوي

حب الأنداد في القرآن

إدعاء محبة الله لليهود والنصارى

معاني الحب في القرآن