المعروف والمنكر في الدول الديمقراطية الحديثة

        لقد جعل الله أمة خاتم الأنبياء خير أمة أخرجت للناس ، وذلك بشروط وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله في قوله تعالى : " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ " (آل عمران 110) . 

وهنا نستنتج أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يختلف عن الإيمان بالله وقد كتبنا مقال سابق عن معاني الإيمان في القرآن  .


وفي سياق آخر ، في قوله تعالى " وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " (آل عمران 104)  .

وهنا نستنتج أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يختلف عن الدعوة إلى الخير ، ومن التشابه في آيات الدعوة ، يمكن إستنتاج، أن الخير هنا هو الهدى ، وأن الدعوة إلى الخير هنا هي الدعوة إلى كل أمر دعا به الله ، في كتابه العزيز الناس، ويؤدي بصاحبه إلى الجنة ، وكذلك يمكن إعتبار كل نهي في القرآن ، يؤدي بصاحبه إلى النار ،هو دعوة إلى الخير إذا إجتنبناه ،عملا بقوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ " (التحريم 6 ) .


وفي هذا المقال سيدور الحديث عن تعريف كل من المعروف والمنكر في القرآن ، فيقول تعالى " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ " (الأعراف 199) ، وهنا يأمر الله نبيه بأن يأخذ من أموال المؤمنين ما عفوا عنه وأن يأمر بما تعارف عليه الناس في الجاهلية على أنه أعمال حسنه وأن يعرض عن الجاهلين بذلك .



لذا ومما سبق يمكن إعتبار المعروف هو كل أمر تعارفت عليه الأنظمه على أنه عمل حسن ، وكذلك يمكن إعتبار المنكر هو كل أمر تعارفت عليه الأنظمه على أنه عمل سئ .

والمراد بالأنظمة في عصرنا هذا في الدول الديمقراطية الحديثة هو الدستور والقانون وليس أي أمر آخر .

كما أن المراد بالأمة في قوله تعالى " وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " (آل عمران 104) . هو الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات الأهلية في الدول الديمقراطية الحديثة وليس أي فرد أو جماعة .

ولا خلاف في ذلك مع الحديث النبوي " ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) " "  ، فتغيير المنكر باليد يكون للأشخاص الإعتبارية من سلطات تشريعية وقضائية وتنفيذية ، أما الأفراد الطبيعية فلها تغيير المنكر باللسان وفق الأنظمة المعمول بها في كل دولة ، فإن لم يستطع ذلك أيضاً فبالقلب



وقد أحال الله عز وجل تفصيل بعض الأحكام إلى المعروف في الدول ، أو ما يمكن أن نقول عليه في عصرنا إلى الدساتير والقوانين ، ولا يتسع المجال هنا لذكر هذة الآيات والأحكام ، ولكن نقول أنها على سبيل المثال وليس الحصر :

1-  أحكام العفو عند القصاص 

2 - أحكام الوصية
3 - أحكام عدة الطلاق
4 - أحكام عدة المتوفى

5- أحكام الخطبة والزواج
6 - أحكام نفقة المتعة
7- أحكام أموال اليتامى


ندعو الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل .

هذا وبالله التوفيق .

محمد عبد الرحيم الغزالي






المعروف والمنكر في الدول الديمقراطية الحديثة
المعروف والمنكر في الدول الديمقراطية الحديثة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموت وعلاقته بالسمع والبصر في القرآن

أسباب العذاب في الدنيا في القرآن

من خصائص بيت الله

حجاب النساء ما بين كبائر الذنوب والفوز بالجنة

الحب المنبوذ في القرآن

حب الأبناء في القرآن

حب الأوطان في القرآن والحديث النبوي

حب الأنداد في القرآن

إدعاء محبة الله لليهود والنصارى

معاني الحب في القرآن