التقوى و كفر الإتباع في القرآن

    التقوى هي إتباع الهدى أو إتباع الصراط المستقيم  . ويتضح تعريف التقوى في قوله تعالى " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " ( الأنعام 153 ) .

والتقوى درجات ، ويتضح ذلك في قوله تعالى : "  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " ( آل عمران 102 ) . فأعلى درجات التقوى هى أن تسلم وجهك لله .

وتم توضيح ذلك بالتفصيل في مقالات عن تعريف التقوى وعلاقتها بكل من الإيمان والهدى 


وضد التقوى في القرآن هو كفر الإتباع في قوله تعالى "  تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ " ( الرعد 35 ) .

كما أن ضد التقوى في سياق آخر في القرآن هو الإجرام ، في قوله تعالى " يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا "  (مريم 85 - 86 ) .

لذا ، وكما وضحنا في مقال سابق عن معاني الكفر في القرآن ، فإن الإجرام هو مرادف كفر الإتباع وهو ليس كفر عقائدي .

وكفر الإتباع ( الإجرام ) أيضاً درجات  ، فللمجرمين في القرآن أكابر ، في قوله تعالى " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا " (  الأنعام 123 ) .

وعلى عكس الإيمان والكفر العقائدي ، لم يرد في القرآن تقوى بعد كفر إتباع أو كفر إتباع بعد تقوى . ولكن ورد العفو  والمغفرة عن إرتكاب الكبائر ، في قوله تعالى " فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا " ( النساء  99) . وفي قوله تعالى : " رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا " ( آل عمران 193 ) .


وكما وضحنا في مقالات سابقة ، وفي هذا المقال ، فإن التقوى من أهم أسباب دخول الجنة  ، في قوله تعالى "وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا " ( الزمر 73 ) . 

كما أن كفر الإتباع ، وهو مرادف الإجرام ، من أهم أسباب عذاب جهنم ، في قوله تعالى  " وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا " ( الزمر 71 ).

 وهنا يجب أن نوضح أن إرتكاب الكبائر يتنافي مع التقوى في القرآن ، في قوله تعالى " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا " ( النساء 56 ) والآيات هنا أي الكبائر ، فمعنى كفروا بآياتنا بالآية ، أي إرتكبوا الكبائر . فمرتكب الكبيرة هو مجرم كافر كفراً إتباعي وليس بالضرورة أن يكون كافر كفراً عقائدي .

والمؤمن قد يرتكب الكبائر وهو ما يتنافى مع تقواه وليس مع إيمانه .

والتقوى من أعمال القلب ، في قوله تعالى " فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ " ( الحج  3 ) .

وكفر الإتباع ( الإجرام ) من أعمال القلب ، في قوله تعالى " كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ " ( الحجر 12 ) 

فيقول صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى " ( أخرجه البخاري ) . والنية من أعمال القلب .

لذا فلا يدخل القاتل قتلاً خطاً جهنم لأنه لم تكن في نيته القتل العمد ، في قوله تعالى " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا " (النساء 92) .



كان هذا عن التقوى و كفر الإتباع في القرآن وكلاهما من أعمال القلب .


ندعو الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل .

هذا وبالله التوفيق .

محمد عبد الرحيم الغزالي



تقوى الله
تقوى الله







 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموت وعلاقته بالسمع والبصر في القرآن

أسباب العذاب في الدنيا في القرآن

من خصائص بيت الله

حجاب النساء ما بين كبائر الذنوب والفوز بالجنة

الحب المنبوذ في القرآن

حب الأبناء في القرآن

حب الأوطان في القرآن والحديث النبوي

حب الأنداد في القرآن

إدعاء محبة الله لليهود والنصارى

معاني الحب في القرآن