حقوق النساء في النظم الديمقراطية الحديثة

      لقد منح الله في كتابه العزيز ، النساء حق البيعة ، فيقول الله في كتابه العزيز : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " (الممتحنة 12) .

      ولقد شهدت كل من أم عمارة نسيبة بنت كعب الأنصارية، وأم منيع أسماء بنت عمرو رضي الله عنهما بيعة العقبة الكبرى ، قال الحافظ ابن حجر في الإصابة في ترجمته لأم منيع هذه: وقد أخرج ابن سعد عن الواقدي بسند له إلى أم عمارة قالت: كان الرجال تصفق على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة والعباس آخذ بيده، فلما بقيت أنا وأم منيع نادى زوجي غزية بن عمرو: يا رسول الله هاتان امرأتان حضرتا معنا يبايعنك، فقال: قد بايعتكما، إني لا أصافح النساء. انتهى.

    وعن هذة البيعة يقول الله تعالى " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا " (الفتح 18) .

وفي النظم الديمقراطية الحديثة يقابل نظام البيعة ، نظام الترشح والإنتخاب ، ويكون لكل من له حق الإنتخاب حق الترشح .

لذا فللنساء في النظم الديمقراطية الحديثة حق الترشح والإنتخاب ، وذلك على قدم المساواة مع الرجال .


أما عن قوله تعالى " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ " ( النساء 34 ) فحق القوامة يتعلق بواجبات الزوج نحو زوجته وأسرته من إنفاق وخلافه ولا علاقة له بالولاية السياسية أو حق الترشح و الإنتخاب في النظم الديمقراطية الحديثة .

أما عن قول رسول الله " لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة " رواه البخاري (4425)، ورواه النسائي في " السنن " (8/227) . فيجب هنا أن نفرق بين كل من الولاية السياسية في نظام البيعة والولاية السياسية في النظم الديمقراطية الحديثة .

فالولاية السياسية في نظام البيعة تكون للشخصية الطبيعية ، أما في النظم الديمقراطية الحديثة فالولاية السياسية تكون للشخصية الإعتبارية الممثلة في رئيس الدولة والمجالس النيابية المنتخبة والقضاء .

والفارق بين الشخصية الطبيعية والشخصية الإعتبارية ، أنه في الولاية السياسية للشخصية الطبيعية يكون كل من الراعي ( الوالي ) و الرعية ( الموالي ) غير ملزمين بالأوامر التي أصدرها سلفه من الولاه السياسيين .


أما في النظم الديمقراطية الحديثة فالولاية السياسية تكون للشخصية الإعتبارية الممثلة في مؤسسات الدولة من رئيس ومجالس نيابية منتخبة و قضاء .

وكل الرعية ( الموالي ) أو المواطنين في النظم الديمقراطية الحديثة ملزمين بأي قانون أو أمر تنفيذي أو تشريعي أو قضائي تصدره الشخصيات الإعتبارية أي كانت الشخصيات الطبيعية التي تتولى هذة المناصب السياسية ولو بعد تركها منصبها . وكذلك الشخصيات الطبيعية التي تتولى هذة المناصب ملزمه بتلك القوانين والأوامر .


ومن المعلوم أن للشخصيات الإعتبارية أحكام تختلف عن أحكام الشخصيات الطبيعية في الفقه .

ويستحيل في النظم الديمقراطية الحديثة أن تكون كل المناصب المنتخبة للنساء فقط أو للرجال فقط .

لذا فلا معنى لحرمان النساء من تولى المناصب التنفيذية والتشريعية والقضائية في النظم الديمقراطية الحديثة . فالولاية السياسية هنا للشخصية الإعتبارية وليس للشخصية الطبيعية . 
 
وكل منا يعرف موقف القرآن من ملكة سبأ ، في قوله تعالى " إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ " ( النمل 23) .



ندعو الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل .

هذا وبالله التوفيق .

محمد عبد الرحيم الغزالي
 



حقوق النساء في النظم الديمقراطية الحديثة
حقوق النساء في النظم الديمقراطية الحديثة




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموت وعلاقته بالسمع والبصر في القرآن

أسباب العذاب في الدنيا في القرآن

من خصائص بيت الله

حجاب النساء ما بين كبائر الذنوب والفوز بالجنة

الحب المنبوذ في القرآن

حب الأبناء في القرآن

حب الأوطان في القرآن والحديث النبوي

حب الأنداد في القرآن

إدعاء محبة الله لليهود والنصارى

معاني الحب في القرآن