العقيدة والسياسة

    السياسة هي : " إتباع  سُبل معينة بغرض بلوغ غايات محددة منها إصلاح المجتمع وإدارة مؤسسات الحكم " .

ولا علاقة للسياسة بالعقائد . والمشكلة عند البعض أنهم لا يفرقون بين كل من العقيدة والسبيل والغاية . والعقيدة مقرها القلب وتشمل الإيمان والكفر . أما السبيل فهو الطريق أو الوسيلة لتحقيق الهدف أو الغاية .

فالبعض يظن أن " الديمقراطية عقيدة " , فيبحث أحدهم في نصوصه
المقدسة فلا يجد مرادف لكلمة " الديمقراطية " , فيستنتج أن " الديمقراطية كفر ".  في حين أن الديمقراطية ليست عقيدة ولكنها سبيل أو وسيلة لبلوغ غايات وأهداف معينة مثل الحرية والمساواة .

والبعض يظن أن " الحرية عقيدة " , فيبحث أحدهم في نصوصه
المقدسة فلا يجد مرادف لكلمة " الحرية " , فيستنج أن " الحرية كفر " . في حين أن الحرية ليست عقيدة ولكنها غاية لأي إنسان ولأي مجتمع .

وليس هدف المقال تعريف الديمقراطية أو الاشتراكية أو الليبرالية أو الرأسمالية , ولكن أستطيع أن أقول أنها سُبل أو أساليب سياسية بغرض بلوغ غايات مثل " العدالة و الحرية والمساواة والرخاء " وغيرها من الغايات .

ومن الممكن أن تتفق كل أو بعض هذه السُبل والأساليب في الغايات المرجوة منها ولكن يختلف الأسلوب . وقد يختلف البعض في الغاية أو الهدف .

وأقول أن
تعاليم الرسالات السماوية ليست عقيدة فقط بل سُبل وغايات أيضاً ولكن البعض لا يعرف ما هو الفرق كل من بين العقيدة والسبيل والغاية .

فالعبادات أو الشعائر الدينية ليست غاية للإنسان علي الأرض , ولكنها من بين سُبل الله للإنسان لوصوله لمرتبه التقوى , مصداقاً لقوله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " (البقرة 21 ) .

سيقول البعض إن سبيلنا هو سبيل الله , فأقول لهم أن الله عز وجل يقول في كتابه العزيز مخاطباً نبيه : " ... إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " ( النحل 125 ) . فلا تعتقد يا أخي الحبيب أنك علي الهدى أو علي سبيل الله , فالله أعلم منك بالمهتدين والضالين .

فنحن في حاجة إلي أن نفرق جيداً بين العقيدة والسبيل والغاية . ويجب أن نكف عن خلط العقائد بالسياسية . فخلط العقائد  بالسياسة هو فتنة حذرنا منها الله عز وجل في كتابه العزيز , وذلك في قوله تعالى " إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ " (البروج 10 ) . 

ندعو الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل .

هذا وبالله التوفيق .

محمد عبدالرحيم الغزالي



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموت وعلاقته بالسمع والبصر في القرآن

أسباب العذاب في الدنيا في القرآن

من خصائص بيت الله

حجاب النساء ما بين كبائر الذنوب والفوز بالجنة

الحب المنبوذ في القرآن

حب الأبناء في القرآن

حب الأوطان في القرآن والحديث النبوي

حب الأنداد في القرآن

إدعاء محبة الله لليهود والنصارى

معاني الحب في القرآن