أهل الكتاب ولفظ الجلالة
في ماليزيا أصدرت إحدى المحاكم قراراً يحظر على أحد الصحف الكاثوليكية استخدام لفظ الجلالة " الله " , قائلة أن استخدام كلمة الله ليس جزءا لا يتجزأ من الديانة المسيحية ، مضيفة أن استخدام الكلمة سوف يسبب الارتباك في المجتمع .
نتناول في هذا المقال حق أهل الكتاب في استخدام لفظ الجلالة في عبادتهم من واقع الثابت في القرآن . نبدأ بقوله تعالى : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ " ( آل عمران 64 ) . فإذا لم يعبد أهل الكتاب الله فأي إله يعبدون ؟!.
ثم نجيب هنا علي السؤال الآتي : " هل استخدم أهل الكتاب لفظ الجلالة قبل نزول القرآن ؟ " . نجيب علي هذا السؤال , ومن واقع الثابت في القرآن الكريم , وبخاصة الآيات التالية :
• " وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ... " ( المائدة 64 ) .
• " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ... " ( المائدة 17 ) .
• " وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ... " ( التوبة 30 ) .
وهنا بالرغم من الاختلاف في العقيدة إلا أنه يتضح من الثابت في القرآن أن أهل الكتاب من اليهود والمسيحيين استخدموا لفظ الجلالة " الله " قبل نزول القرآن , وإلا لما نزلت الآيات بهذه النصوص الصريحة .
ثم نجيب هنا عن السؤال التالي : " هل إستخدم الرسل والأنبياء السابقون لفظ الجلالة في دعوتهم للأمم السابقة ؟ " . نجيب علي هذا السؤال , ومن واقع الثابت في القرآن الكريم , وبخاصة الآيات التالية :
• " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ " ( المؤمنون 23) .
• " وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ " ( الأعراف 65) .
• " وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ... " ( الأعراف 73) .
• " وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ... " ( الأعراف 85) .
• " قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ " ( الأعراف 128) .
• " وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ " ( آل عمران 50 - 51 ) .
وهنا يتضح لنا من الثابت في القرآن , أن الرسل والأنبياء السابقون استخدموا لفظ الجلالة " الله " في دعوتهم للأمم السابقة قبل نزول القرآن , وخاصة نبي الله موسي والمسيح عيسي بن مريم .
دليل آخر على أن لفظ الجلالة كان مستخدماً قبل نزول القرآن ويتمثل في اسم والد النبي صلى الله عليه وسلم , حيث كان اسمه " عبد الله " .
مما سبق يتضح لنا أن لفظ الجلالة " الله " كان مستخدماً قبل نزول القرآن ، ويحق لأهل الكتاب استخدامه في عبادتهم بالرغم من الاختلاف في العقيدة .
ندعو الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل .
هذا وبالله التوفيق .
محمد عبدالرحيم الغزالي
تعليقات
إرسال تعليق