العلاقة بين الإيمان والتقوى


   الإيمان هو الاعتقاد بالغيب والحقائق المثبتة بالقرآن الكريم ومنها الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر .


والإيمان درجات ، فيقول الله تعالى : "وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا  " ( الأنفال 1 ) . ولا يوجد إنسان كامل الإيمان ، فمن أسماء الله تعالى ، اسم الله المؤمن .


و التقوى هي إتباع سبيل النجاة في الدنيا والآخرة واجتناب سبيل الهلاك  في الدنيا والآخرة . وقد بينا تعريف التقوى في القرآن في مقال سابق .

والتقوى درجات ، ويتضح ذلك في قوله تعالى : "  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " ( آل عمران 102 ) . فأعلى درجات التقوى هي أن تسلم وجهك لله .

وقد جاء الأمر بالتقوى في كتاب الله موجهاً للناس كافة وذلك في قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ " ( الحج 1 ) .

لذا فلا علاقة بين الإيمان والتقوى فقد يكون الإنسان على درجة كبيرة من الإيمان وهو ليس على درجة من التقوى . وقد يكون الإنسان على درجة كبيرة من التقوى وهو ليس على درجة من الإيمان .

ويتضح ذلك في قوله تعالى " وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ " ( الأعراف 96 ) . وهنا استخدم العطف بين الإيمان والتقوى في الجملة الشرطية , والذي يفيد المغايرة بين الإيمان والتقوى . فلو أن أهل القرى آمنوا ولم يتقوا لا يتحقق جواب الشرط . ولو أنهم اتقوا ولم يؤمنوا لا يتحقق جواب الشرط . فلكي تفتح البركات من السماء والأرض يجب على أهل القرى أن يؤمنوا ويتقوا .

ولو أن التقوى درجة من درجات الإيمان لكان النص كالآتي : " ولو أن أهل القرى آمنوا ثم اتقوا ... " .


وتم عطف الإيمان على التقوى في الجملة الشرطية في أكثر من موضع في القرآن الكريم منها قوله تعالى : " إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ " ( محمد 36 ) .

  كما يتضح ذلك أكثر في قوله تعالى " أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّـهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ  " ( يونس 62 - 63 ) . فمن صفات أولياء الله الجمع بين الإيمان والتقوى . وفي الآية الكريمة كانت التقوى سابقة علي الإيمان ، لأن الله تعالى استخدم صيغة الماضي في عبارة " وَكَانُوا يَتَّقُونَ " بعد ذكر الإيمان .

وقد يكون الإيمان سابق علي التقوى ، ويتضح ذلك في الأمر بالتقوى الموجة للمؤمنين في قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ  " ( آل عمران 102 ) . وكذلك في قوله تعالى "
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ " ( المائدة 57 ) .

وعموماً قد يجمع الإنسان بين درجات التقوى و درجات الإيمان ، وقد تكون التقوى سابقة علي الإيمان ، وقد يكون الإيمان سابق على التقوى .

ندعو الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل .


هذا وبالله التوفيق .


محمد عبد الرحيم الغزالي




الإيمان
الإيمان



التقوى
التقوى





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموت وعلاقته بالسمع والبصر في القرآن

أسباب العذاب في الدنيا في القرآن

من خصائص بيت الله

حجاب النساء ما بين كبائر الذنوب والفوز بالجنة

الحب المنبوذ في القرآن

حب الأبناء في القرآن

حب الأوطان في القرآن والحديث النبوي

حب الأنداد في القرآن

إدعاء محبة الله لليهود والنصارى

معاني الحب في القرآن