حقيقة موت رسول الله

     لقد رفع الله من قدر خاتم الرسل والأنبياء صلى الله عليه وسلم وفضله على سائر الرسل والأنبياء ، ومن المعلوم أن الأنبياء هم أفضل البشر وهم أعلى درجة عند الله من الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله ، وقد أخبرنا الله تعالى أن الذين قتلوا في سبيل الله أحياء عند ربهم يرزقون ، وذلك في قوله تعالى  " وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ " (آل عمران 169) . ومن ثم فإنه لا يجوز لنا أن نعتبر الأنبياء وعلى رأسهم خاتم الأنبياء أمواتاً في حين أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون .

أما عن الدليل على حياة الأنبياء ، فلدينا العديد من الدلائل . أول هذه الدلائل يتمثل ذلك في أحداث رحلة الإسراء والمعراج ولقاء رسول الله بالأنبياء في السماوات وكذلك صلاته أماماً بالأنبياء في المسجد الأقصى ، ولا يعقل أن ندعي أن النبي قد التقي بأموات أو صلى بالأموات إماماً . والجميع يُجمع على أن رحلة الإسراء والمعراج كانت بالروح والجسد ، ومن ثم لا يجوز لنا أن ندعي أن رسول الله قد صلى إماماً بأرواح الأنبياء الأموات في البرزخ . ولا يجوز أن ندعي أن الأنبياء قد بعثوا من مرقدهم ليلتقوا بخاتم الأنبياء ويصلي بهم إماماً ثم يعودون أمواتاً .

وفي القرآن الكريم أدلة كثيرة أخري على حياة رسول الله.  أول الدلائل في القرآن الكريم يتمثل في قوله تعالى : " وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " ( آل عمران 101 ) . وهنا يخبر الله فيها المؤمنين أن رسوله بينهم ، ولا يعقل أن يكون المقصود فقط المؤمنين المعاصرين للنبي .

دليل آخر ويتمثل في قوله تعالى : " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا " ( النساء 64 ) . فهل كان الرسول يستغفر للمؤمنين المعاصرين له وبعد موته توقف هذا الأمر ؟! .

دليل آخر ويتمثل في قوله تعالى  : " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " (التوبة 105 ) . وهنا يأمر الله نبيه بأن يحث المؤمنين على العمل وأن يخبرهم أن الله سيري عملهم ورسوله والمؤمنون ، ولا يعقل أن ندعي أن ميت يري أعمال المؤمنين ، كما لا يعقل أن ندعي أن الحث على العمل كان للمعاصرين للنبي .

دليل آخر ويتمثل في قوله تعالى : " إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا " (المزمل  15 ) . فهل كان رسول الله شاهد على المؤمنين في عصره فقط ومن يشهد عليهم بعد مماته ؟! .

ونختتم بدليل من أحاديث رسول الله وهو قول رسول الله " من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي " ولا يعقل أن يكون هذا الفضل الذي اختص به الله نبيه لميت لا يري ولا يسمع .

ومما سبق يتضح لنا أن رسول الله حي عند الله ، كما أن باقي الرسل والأنبياء أحياء ، كما أن الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله أحياء ، وكلهم يحيون حياة برزخيه لا ندركها نحن البشر في حياتنا الدنيا .

ندعو الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل .

هذا وبالله التوفيق .

محمد عبد الرحيم الغزالي


مصادر للإطلاع

http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=27347


http://www.binbaz.org.sa/mat/1671


هل رسول الله حي ؟
هل رسول الله حي أم ميت ؟




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموت وعلاقته بالسمع والبصر في القرآن

أسباب العذاب في الدنيا في القرآن

من خصائص بيت الله

حجاب النساء ما بين كبائر الذنوب والفوز بالجنة

الحب المنبوذ في القرآن

حب الأبناء في القرآن

حب الأوطان في القرآن والحديث النبوي

حب الأنداد في القرآن

إدعاء محبة الله لليهود والنصارى

معاني الحب في القرآن